Logo مدونة مهند المعتبي

إنَّ في عيني لغَبَشًا عن رؤية جمالِ صاحبي!

إنَّ في عيني لغَبَشًا عن رؤية جمالِ صاحبي!
blog

مهند المعتبي

الإثنين يناير 8, 2024

المعاصرة حجابٌ، والعبقريُّ الذي سيُشغِلُ إبداعُه أبناءَ القرنِ القادمِ يتنفَّس معنا الآن هواءَنا ولكنْ برئتين مختلفتين!
فما دُمتَ تراه، وتسمعُ كلامَه، ويُطِلُّ عليك من نوافذَ عِدَّةٍ، وتُبصِرُ منه ما تراه عيناك من بقيَّة أبناء آدم؛ يأكلُ الطعام، ويمشي في الأسواق، ويرتاد المقاهي والمكتبات، ويستعملُ المنديل عند العطاس= فسيظلُّ إنسانًا عاديًا أو جيِّدًا في أحسن أحواله.
سترى أنَّ محبِّيه مبالغونَ في شأنه، لكنْ قد يأتي يومٌ ما ويتحدَّثُ الناسُ عن موقفٍ عظيمٍ من أخلاقه الاستثنائية حينما دخل البقَّالةَ لشراء الخُبز وأعطى السائلةَ التي تحمل صبيًّا في حجرها وتقف على قارعة الباب ريالاً، سيقولون عنه: لقد كان إنسانًا اجتمعتْ كلُّ الإنسانيَّة في كأسٍ، فشربها دُفعةً بلا تنفُّسٍ بين الشَّرْبات، ولكنْ حينَها كان الموقِفُ عابرًا لم يحرِّكْ حتى السائلةَ نفسَها لتقول له بصوتٍ مرتفع: شُكرًا!

لا أدري؛ أهذا لؤمٌ فينا معشرَ الأوادم، فلا نرى فضلاءَ الناسِ فُضلاءَ حتى يواريَهم الثرى، فنعود من المقابرِ نبحثُ عن الدفاتر؛ لنُسطِّر المآثر، بينما كان يعيشُ بيننا ولم يسمعْ منّا ما يكفي كلمةَ تشجيعٍ، أو نغمةَ ثناء، أو إيماءةَ إعجاب؟!
مسكينٌ هذا الإنسان، فلو قضى الله بسماعِ الأمواتِ للأحياء؛ لقال في قبره وهو يُمجَّدُ بعد موتِه: وأين بعضُ هذا لمّا كنتُ أتنفَّسُ بينكم؟!
وهكذا كان خَلْقٌ من السابقين ممن نراهم عباقرةً بمجرَّد أن ترى أسماءَهم بالصدفة على أغلفة الكتب.. كانوا في حياتهم غيرَ لافتين للأنظار!


ومن الطريف أنني كنتُ أقرأُ البارحةَ كتاب (ميراث الصمت والملكوت) للأستاذ عبدالله الهدلق، فشدَّني الموقفُ الذي ذكره في سياقٍ من الطُّرفةِ المُبكية إذْ يقول:
(.. وكان لي عدوٌّ من الأصدقاء كان مثلي يتأدَّبُ لكنْ على شيءٍ من اللؤمِ، فهو لا يكاد يُسلِّمُ لي بموهبةٍ، فتحيَّنتُ منه غِرَّةً يومًا فقلتُ له هكذا أثناء الكلام: ما أروعَ ما قال شكسبير: “أجملُ ما في اللوحةِ؛ الإنسانُ الذي يتأمَّلُها”.. فأخذتْهُ الكلمةُ من نفسِه ثم لمْ يَعُد.. فقلتُ له: ارفقْ بنفسك، فوالله ما عرفها شكسبير، وإنما الكلمةُ لي! فتغيَّر وجهُه، وانتفختْ منه هذه التي تقول العربُ إنها تنتفخ في مثل ما هنا؛ نعم أوداجُه.. ثم قال: الحقُّ أنَّ الكلمةَ ليستْ بذاك!) ص57.

قُل لمن لا يرى المعاصِرَ شيئًا * ويرى للأوائلِ التقديما
إنَّ ذاك القديمَ كان حديثًا * وسيبقى هذا الحديثُ قديما

لستُ أقولُ: انثروا مدائحَكم بلا وِزانٍ، وبالغوا في شأنِ الأحياء، وليكنْ كلُّ كلامِكم ثناءً وإطراءً، كلّا، فهذا ممّا يؤذي الموهوبَ أصلاً ويزعجه قبلَ غيره، لا سيما إذا كان في محلِّ طاعةٍ يرجو بها الإخلاص لله، ولكنْ أقولُ: تيقّنُوا أنَّ بين أظهركم مبدعينَ عظماءَ ستعرفهم الأجيالُ القادمة أكثرَ مما تعرفون!

3/ 4/ 2018

هل قرأتَ هذه؟

Bolg-1

عشرة أسبابٍ جعلتني أُدمِنُ القهوةَ الباردةَ، فقد أنقذتني من مآزق!

ثم إنني لطالما كنتُ أسخرُ من ابنتي رِناد وهي تُحضِّرُ كوبها (البارد!) لتقرأَ الروايةَ اليابانيَّة (قبلَ أن تبرُدَ القهوة) لـ (توشيكازو كواغوشي) يا لَصُعوبةِ الاسم! فأقول لها: كيف تبرد قهوتك وهي أصلاً باردة؟! 😊 أرجوك لا تسألني عن الروايةِ....

الأحد يونيو 9, 2024